حديث الوسادة
<هذي القصه للكاتبة انتصار العقيل أعجبتني وحييت انقلها لكم>
"أتمنى من كل قلبي تحسوا نفس إحساسي وأنا أقراها"
يسعدكم ربى جميعا
*ألقت
بجسدها المرهق في فراشها , ومالت برأسها فوق وسادتها في اتجاه زوجها الذي
نظر إليها نظرة مليئة بالحنان والحب وهو يمسح بأصابعه دمعة صامتة انسابت
فوق وجنتيها ثم امسك بيدها ولثمها قائلا:
_ هل هذا وقت الدموع ؟؟؟ ستشهد
عليك وسادتنا انك بكيت في ليلة عرس ابنتنا الصغرى , هذه الدموع لا عذر لها
, لقد كان الحفل رائعا , والعروس وعريسها كانا في منتهى السعادة والهناء ,
أما أم العروس فقد كانت أجمل الحاضرات وأكثرهن تألقا وإشراقا .
ابتسمت في دلال أنثوي وقاطعته :
_ طبعا في عينيك أنت فقط –
_
بل يا سيدتي في عيون كل من رأوها وبشهادة كل الحضور , على كل أنا صاحب
الشأن ورأيي أنا هو الأهم – الليلة أشعر أنا أيضا أني عريس , ها نحن بعد
سبعة وعشرين عاما نعود كما بدأنا معا وحيدين , كأننا في أول ليلة معا تحت
سقف واحد .
تنهدت وأغمضت عينيها وقالت وهي سارحة :
_ الله .. عمر ,
سبعة وعشرون عاما , بكل ما تحمل من تجارب فرح وترح , هدوء وصخب , رخاء وشدة
, سبعة وعشرون عاما بكل ما تحمل من متناقضات مشيناها معاٌ خطوة خطوة
كزوجين , كحبيبين , كصديقين , الآن تزوج أبناؤنا الثلاثة , كل واحد منهم
يعيش حياته
الخاصة مع رفيق عمره , لقد انتهى دوري ودورك معهم , ولم
يبق لدينا سوى أن ندعو لهم بالتوفيق ونراقب ثمرة جهدنا وتفاهمنا في
تربيتهم ورعايتهم طوال الأعوام الماضية – آه ما أطولها من رحلة – تنهدت
تنهيدة طويلة وصمتت .. فأكمل حديثها قائلا :
_ ما أطولها من رحلة
وما أسعدها من رحلة وهذا هو المهم ياحبيبتي , البشر جميعهم يتزوجون وينجبون
, لكن فئة قليلة تعرف معنى السعادة في حياتها والسبيل لها , الحياة
الزوجية هي ارتباط بين رجل وامرأة , كل واحد منهم له عقليته الخاصة به
وشخصيته وكيانه , وإدراك هذا الواقع هو من أهم الأسس لبناء حياة زوجية
سعيدة , بعد هذا على الزوجين أن يسعيا مع مرور الأيام أن يندمجا وينصقلا
ليصبحا شخصا واحدا بفكر واحد وهدف واحد .
أنا وأنت يا حبيبتي والحمدالله استطعنا أن نصبح روحا وفكرا واحد في جسدين ..
صدقت
, هذه الحقيقة لا نشعر بها أنا و أنت فقط بل يشعر بها كل من يحتك بنا ,
ولقد انعكس تفاهمنا وسعادتنا على حياة أبنائنا , طوال السبعة والعشرين عاما
تشهد علينا وسادتنا هذه أننا لم تغمض لنا قط عين ولم تستسلم رؤوسنا للنوم
فوقها , قبل أن نراجع خطوات امسنا ويومنا وغدنا .
مد يده وضعها فوق كتفيها وقال :
_
نعم وسادتنا هذه تشهد لنا على عمق تفكيرنا وقوة ترابطنا معا , سر نجاحنا
هو التفاهم في الوقت المناسب وفي المكان المناسب , في غرفتنا هذه وفوق
وسادتنا كم نقاش دار بيننا , وكم مشكلة طرحناها خلال السبعة والعشرين عاما
كم من أفراح وأحزان , بشائر وهموم , آمال وآلام , جميع هذه المتناقضات
تطاحنت هنا بيننا , لكن لم تغمض لنا عين قبل أن نتفق ونتفاهم على كل خطوة .
ابتسمت في ارتياح وقالت في شبه مناجاة :
_ حقا حديث الوسادة أجمل بين الزوجين , خاصة في سكون الليل , والحب والعشرة الطويلة يرفرفان بأجنحتهما على مجلسهما .
قال هامسا :
_
في سكون الليل وبعد يوم حافل بالحركة حينما يلجأ المرء إلى فراشه ويضع
رأسه فوق وسادته , يكون الانسان أكثر استعداداٌ لتقبل النقاش المنطقي ,
ويكون تفكيره ايجابيا في ايجاد الحلول لكل مشكلاته .
ضحكت بخبث :
_ ويكون في عالم برزخي , كمن خدر , غير قادر على الكذب والمرواغة فعقله الباطن هو الذي يتحدث .
قهقه ضاحكا وقال :
أشهد
أن لك أسلوب المحققين , لقد سخرت هذه الأحاديث دائما لصالحك فقد كانت
تأتيك اعترافاتي بكل سهولة بدون أي جهد منك , فأنت أذكى من يعرف اختيار
الوقت المناسب للحصول على أي جواب لأي سؤال .
قالت بثقة :
_ على كلٌ
كان الهدف أن أعرف مايدور في أعماقك , فأنت تحتك بالكثيرين ومعرفتي بتجاربك
تساعدني أن أعرف ما تحب وما لا تحب , سعادتنا كانت هدفي لم أحاول قط أن
أجعل من اعترافاتك ممسكا عليك .
_ وأنت كنت تستحق كل هذا وأكثر
فإيجابياتك في النقاش وفي حل المشاكل واتخاذ رأيي بعين الاعتبار والأهمية
لم يجعلني أشعر أني أحيا حياة مكبلة مشلولة , لم يكن قط حديث الليل يمحوه
النهار كما هو معتاد بين الكثيرين , احترامك لقراراتنا المشتركة جعل حياتنا
تتخذ طابع الثقة والأمان والعطاء من أفضل إلى أفضل ..
قال بحنان وجدية :أنت امرأة عظيمة متجددة في كل شيء